قصة ناجح ووصفة نجاح
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصل اللهم على سيد المرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وبعد..
فقد أمسى من المألوف لنا هذه الأيام، أن يطل علينا بين الحين والآخر، استعراضي هنا ومتقول هناك، بقصص يسمونها "قصص نجاح"، غالبا ماتكون مستوردة من بلاد العم سام.
يبدأ هذا المتحدث بعرض سيرة نادل أصبح تاجرا، أو مطلقة تزوجت أو أو ...، ثم يمضي بقية الوقت في التطبيل والتزمير لهؤلاء (العمالقة) وإنجازاتهم المبهرة.
ولا يزال يطبل ويزمر حتى يسيل لعاب الجموع الملتفة حوله، والتي أثقلها واقع خيبتها وفشلها، وأخيرا تدفعه (طيبة قلبه) أن يبوح لهذه الجموع بالأسرار (الخطيرة) التي أدت إلى نجاح هؤلاء العظماء وسعادتهم، موصيا هذه الكتل المحبطة بالمسارعة (قبل فوات الأوان) إلى حجز مقعدها في عالم السعادة، عبر تقليد هذه النماذج (الخالدة)، محذرا اياها وبال التواني عن ذلك والسقوط بالتالي في أودية الفشل والضياع.
ولكن.....
أريد أن أسأل .....
هل حاول أحد من أولئكم، أن يفتش عن قيمة من قيم النجاح في تراثنا الإسلامي....
هل فكروا بإعطاء جزء ضئيل من وقتهم (الثمين) لقصص سلفنا، أم أن البضاعة المستوردة غدت الخيار رقم (1) دائما وفي كل شيء ؟!!..
لن أطيل على القارئ الكريم، وسألخص الفكرة بعرض قصة قصة قصيرة، تصور مشهدا مختصرا من مشاهد نجاح أسلافنا الكثيرة، وفي نهاية المشهد يفشي صاحب التجربة بسر نجاحه لمن بعده، وليتهم عقلوا وتدبروا ما قال....
روى ابن كثير في كتابه (البداية والنهاية):
أن "سليمان بن عبد الملك -لما حضرته الوفاة- أراد أن يعهد إلى بعض أولاده فصرفه وزيره الصالح رجاء بن حيوة عن ذلك وما زال به حتى عهد إلى عمر بن عبد العزيز من بعده وصوب ذلك رجاء فكتب سليمان العهد في صحيفة وختمها ولم يشعر بذلك عمر ولا أحد من بني مروان سوى سليمان ورجاء ثم أمر صاحب الشرطة باحضار الأمراء ورءوس الناس من بني مروان وغيرهم فبايعوا سليمان على ما في الصحيفة المختومة ثم انصرفوا ثم لما مات الخليفة استدعاهم رجاء بن حيوة فبايعوا ثانية قبل أن يعلموا موت الخليفة ثم فتحها فقرأها عليهم فإذا فيها البيعة لعمر بن عبد العزيز فأخذوه فأجلسوه على المنبر وبايعوه فانعقدت له البيعة !!، فلما تولى الخلافة خطب عمر بن عبد العزيزالناس خطبة فكان أول ما قال فيها:
أيها الناس أصلحوا آخرتكم يصلح الله دنياكم."
أقبل - رضي الله عنه- على آخرته يصلحها، وأعطاها كل اهتمامه، فتولى الله أمر دنياه حتى جعله سيد الدنيا
فهل لما وهبنا للدنيا أنفسنا ذليلة رخيصة نلنا منها معشار ما نال منها رضي الله عنه؟
لمحات من نجاح عمر بن عبد العزيز:
الملك والسلطان: كان سيد الدنيا في زمنه، وحاكم الدولة العظمى في ذلك الوقت.
المال: ورث عمر من أبيه من الأموال والمتاع والدواب هو وإخوته مالم يرثه غيره فيما نعلم
النساء: زوجته فاطمة بنت عبد الملك، وهي التي يقول الشاعر فيها:
بنت الخليفة والخليفة جدها أخت الخلائف والخليفة زوجها
قال المؤرخون: ولا نعرف امرأة بهذه الصفة إلى يومنا هذا سواها.
مشاهد من مشاهد حياته رضي الله عنه
قيل لعمر بن عبد العزيز لما احتضر تدارك نفسك فقال والله لو ان شفائي أن أمس شحمة أذني أو أوتى بطيب فأشمه ما فعلت فقيل له هؤلاء بنوك وكانوا اثنى عشر ألا توصي لهم بشيء فإنهم فقراء فقال إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين والله لا أعطيتهم حق أحد وهم بين رجلين إما صالح فالله يتولى الصالحين وإما غير صالح فما كنت لأعينه على فسقه وفي رواية فلا أبالي في أي واد هلك وفي رواية أفأدع له ما يستعين به على معصية الله فأكون شريكه فيما يعمل بعد الموت ما كنت لأفعل ثم استدعى بأولاده فودعهم وعزاهم بهذا وأوصاهم بهذا الكلام ثم قال انصرفوا عصمكم الله وأحسن الخلافة عليكم.
قال فلقد رأينا بعض أولاد عمر ابن عبد العزيز يحمل على ثمانين فرس في سبيل الله وكان بعض أولاد سليمان بن عبد الملك مع كثرة ما ترك لهم من الأموال يتعاطى ويسأل من أولاد عمر بن عبد العزيز لأن عمر وكل ولده إلى الله عز وجل وسليمان وغيره إنما يكلون أولادهم إلى ما يدعون لهم فيضيعون وتذهب أموالهم في شهوات أولادهم.
رحم الله من أعان على نشرها
"فواللهِ لأنْ يَهدِيَ اللهُ بكَ رجُلاً خَيرٌ لكَ من أن يكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَم"
صدق صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا[center]