أولاً وقبل أي شيء أريد أن أقول أننا في المجتمع الواحد تتعدد الديانات والأعراق والحضارات ولكي يتم التعايش يجب أن يكون الجو العام مشوباً بالحب وإرادة الخير للغير وهذا المبدأ الأصيل يقرره الإسلام الذي هو الدين الخاتم لجميع الرسالات فيقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من ديارهم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين".
وفي هذه الآية أصل كبير من الأصول التي بها يتم التعايش بين أبناء المجتمع الواحد من كافة الأديان وقد أمرنا الله فيها بالبر وأن نكون مقسطين مع من يسالموننا ومن المعروف أن العدل هو أن أعطيك حقك والقسط أن تأخذ فوق حقك.
وإنطلاقاً من هذه الآية وحرصاً على أن أسدي النصح للمسلمين ولغير المسلمين وأملي في ذلك أن أكون نافعاً لديني أولاً ثم بعد ذلك نافعاً لمجتمعي الذي أعيش وإنطلاقاً من حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم: "خير الناس أنفعهم للناس".
ونحن المسلمون نرى عند شركاءنا في الوطن صور وأيقونات للسيدة العذراء وهي محتشمة من رأسها إلى قدمها ونتساءل هل هناك أصل يمكن الإستناد عليه في الدعوة إلى الحجاب والاحتشام كما هو الحال عند الدعاة المسلمون الذين يعتبرون قضية الحجاب هي قضية أساسية حيث أن الحجاب فرض مثله مثل الصلاة والصيام عند المسلمين وبدونه لا تصح الصلاة.
إن لكل شيء فرضه الله علينا وكل شيء حرمه الله علينا له حكمة علمها من علمها وجهلها من جهلها. فنتساءل؟ ما الحكمة من الحجاب؟
أولا: المحافظة على الصحة النفسية للحياة الاجتماعية ووقايتها من الأمراض الروحية النابعة من الخلاعة والتميع فإن الشاب إذا رأي أمامه فتاة كاشفة عن مفاتن جسدها وهو لا يملك نفقات الزواج ما الذي سيفعله في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها مجتمعنا من صعوبة الحصول على مسكن وغيره؟ الحل السريع لدى هذا الشاب هو الاعتداء على هذه الفتاة وحالات الاغتصاب ما أكثرها في مجتمعنا الآن وما كانت عند أسلافنا هذه الجريمة النكراء، فالحجاب يقلل من حالات الاغتصاب والتحرش بالنساء.
ثانيا: توثيق الصلات والروابط الزوجية، والمحافظة على حرارتها وصيانتها من التفكك والتجزئة، فالحياة الاجتماعية إذا كانت صفواً من أى استمتاع جنسى ولم يفسح المجال لأى من الرجل والمرأة فى ممارسة الشهوات وإشباع الغرائز خارج نطاق الحياة الزوجية أصبحت الزوجية آنذاك عش المودة الحقيقى والسكن الحقيقي ولا نجد هذا الكم الهائل من الرجال الجالسون على المقاهي أو المتسكعون في الشوارع بلا هدف.
ثالثا: صيانة المرأة من اتخاذها أداة رخيصة ومبتذلة للاستمتاع والاحتفاظ بكرامتها وشرفها( ).
هذه هي بعض الأسباب التي نجدها نحن المسلمون تقنعنا بضرورة الحجاب وأن ما فرضه الله علينا فيه الخير والصالح لنا دائماً لذلك يتم التنبيه من الدعاة دوماً على أن الحجاب عفة وطهارة، نأتي إلى دراستنا المقارنة بين الحجاب بين الإسلام واليهودية والمسيحية
أولاً: في الشريعة اليهودية:
- إن من يقرأ كتب العهد القديم وكتب الأناجيل يعلم بغير عناء كبير في البحث أن حجاب المرأة كان معروفًا بين العبرانيين من عهد إبراهيم عليه السلام، وظل معروفًا بينهم في أيام أنبيائهم جميعًا، إلى ما بعد ظهور المسيحية، وتكررت الإشارة إلى البرقع في غير كتاب من كتب العهد القديم وكتب العهد الجديد.
في الإصحاح الرابع والعشرين من سفر التكوين: عن (رفقة) أنها رفعت عينيها فرأت إسحاق، فنزلت عن الجمل وقالت للعبد: من هذا الرجل الماشي في الحقل للقائي، فقال العبد: هو سيدي، فأخذت البرقع وتغطت.
وفى الإصحاح الثامن والثلاثين من سفر التكوين أيضا أن تامار: "مضت وقعدت فى بيت أبيها ولما طال الزمان خلعت عنها ثياب ترملها وتغطت ببرقع وتلففت".
وفي النشيد الخامس من أناشيد سليمان: تقول المرأة: أخبرني يا من تحبه نفسي، أين ترعى عند الظهيرة؟ ولماذا أكون كمقنعة عند قطعان أصحابك؟
وفي الإصحاح الثالث من سفر أشعيا: "(16) يقول الرب: لأن بنات صهيون متغطرسات، يمشين بأ‘ناق مشرئبة متغزلات بعيونهن، متخطرات فى سيرهم ، مجلجلات بخلاخيل أقدامهن(17) سيصيبهن الرب بالصلع، ويعرى عوراتهن (18) فى ذلك اليوم ينزع الرب زينة الخلاخيل، وعصابات روؤسهن والأهلة(19) والأقراط والأساور والبراقع(20) والعصائب والسلاسل والأحزمة ، وآنية الطيب والتعاويذ... (24) فتحل العفونة محل الطيب والعار عوض الجمال" (أشعياء 3: 16ـ24).
وفي الإصحاح الثامن والثلاثين من سفر التكوين أيضًا: أن تامار مضت وقعدت في بيت أبيها، ولما طال الزمان خلعت عنها ثياب ترملها وتغطت ببرقع وتلففت.
ويقول بولس في رسالته كورنثوس الأولى: "إن النقاب شرف للمرأة، وكانت المرأة عندهم تضع البرقع على وجهها حين تلتقي بالغرباء وتخلعه حين تنزوي في الدار بلباس الحداد"
فالكتب الدينية التي يقرؤها غير المسلمين قد فصلت في ذكر البراقع والعصائب.
أحكام الحجاب وعدم التزين:
وقد حذر أشعياء النبى السفور والتبرج فقال:
"(16) يقول الرب: لأن بنات صهيون متغطرسات، يمشين بأ‘ناق مشرئبة متغزلات بعيونهن، متخطرات فى سيرهم ، مجلجلات بخلاخيل أقدامهن(17) سيصيبهن الرب بالصلع، ويعرى عوراتهن (18) فى ذلك اليوم ينزع الرب زينة الخلاخيل، وعصابات روؤسهن والأهلة(19) والأقراط والأساور والبراقع(20) والعصائب والسلاسل والأحزمة، وآنية الطيب والتعاويذ... (24) فتحل العفونة محل الطيب والعار عوض الجمال" (أشعياء 3: 16ـ24).
والفقرات توضح أقصى أنواع المهانة للمتبذلات من النساء، وهذا دليل قاطع على وجوب التحجب بمعنى عدم إظهار الزينة والمفاتن.
وكانت المرأة تغطى رأسها ويقول الأب متى المسكين فى ذلك( ) "كانت المرأة اليهودية مغطاة الرأس بحيث لا تظهر معالم وجهها على الإطلاق، حبيسة المنزل، تحت سلطان زوجها أو أبيها" ويؤكد ذلك ما قامت به رفقة زوجة إسحاق عندما قابلته لأول مرة "(15) وسألت العبد: من هذا الرجل الماشى فى الحقل للقائنا؟ فقال العبد: هو سيدى فتناولت الحجاب وتغطت..." (التكوين 24: 15ـ16).
الحجاب في المسيحية:
ليس للمسيحية لبس خاص للمرأة أى له شروط خاصة، ولكن اللبس يشترط فيه الحشمة والوقار، ويلاحظ أن لبس الراهبات فى المسيحية مشابه للبس المسلمات المفروض شرعا، كما أن المسيحية لا تجيز أن أنواع الزينة للوجه، كما لا تجيز إجراء أي تعديلا في الوجه بالماكياج أو العمليات الجراحية.
يقول بطرس داعيا النساء بالحشمة:
"(3) على المرأة ألا تعتمد الزينة الخارجية لاظهار جمالها، بضفر الشعر والتحلى بالذهب، ولبس الثياب الفاخرة (4) وإنما تعتمد الزينة الداخلية ، ليكون قلبها متزينا بروح الوداعة والهدوء، هذه هى الزينة التى لا تغنى ، وهى غالية الثمن فى نظر الله" (1 بطرس 3: 3ـ6).
كما يوصى بولس: "كما أريد أيضا أن تظهر النساء بمظهر لائق محشوم اللباس، متزينات بالحياء والرزانة، غير متحليات بالجدائل والذهب واللالئ والحلل الغالية الثمن(10) بل بما يليق بنساء يعترفن علنا بأهن يعشن فى تقوى الله" (اتيموثاوس 2: 9ـ10).
والمسيحية تحرم إجراء المكياج لتعديل الخلقة أو العمليات الجراحية لتغيير الخلقة "( ) لا تزينى وجهك الذى خلق من قبل الله، لأنه ليس فيه شئ يعوزه التزين، لأن كل شئ خلقه الله حسن جدا وإذا زين مالا يعوزه التزين، تزيدون على الخير فتشتمون نعمة الخالق".
المسيحية لا تؤمن بادعاء النساء: أن الزينة من أجل الزينة وتحذر من الفتنة الناتجة عنها: "( ). ولكن أيضا تزينت فقط من أجل الزينة والجال، فلن تفلتى من الحكم، غضب الله والتشبه بالزانيات ، لأنك من جهة هذا تلزمين آخر ليتبعك ويتشهيك فتحفظى لكيما لا تقعى فى الخطيئة ولا أيضا يتشكك آخرون لأجلك".
تغطية رأس المرأة من الاحترام والتقديس:
يقول بولس آمرا النساء: " (6) فإذا كانت المرأة لا تغطى رأسها، فليقص شعرها! ولكن ما دام من العار على المرأة ان يقص شعرها أو يحلق فلتغط رأسها" (1 كورنثوس 11: 6) ، ولذلك كانت وصايا آباء المسيحيين عن الاحتشام حتى فى الاحتفال بالعرس.
مما سبق يتبين أن الحجاب موجود في الشرائع السماوية السابقة وفي الإسلام وكما يرفع المسلمون شعار الحجاب عفة وطهارة نتمنى أن يرفع هذا الشعار بواسطة السلطات الدينية المسيحية حتى ننعم بمجتمع تعمه الفضيلة ويسعد فيه جميع البشر بجمال تعاليم الله سبحانه وتعالى وهذا يؤدي بنا نحن المسلمين عند قراءتنا للنصوص السابقة أن نتذكر قول الله تعالى "وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه"...
فلنعمل سوياً على أن تنعم مجتمعاتنا بالعيش في ظل شرع الله